أخبار

15 طفلا حصيلة وفيات المكورات “العقدية أ” في بريطانيا وأقسام الطوارئ مكتظة

تم الربط بين عدوى المكورات العقدية من المجموعة أ (Strep A) ووفاة ما لا يقل عن 15 طفلاً في المملكة المتحدة وسط تحذيرات الأطباء من ارتفاع عدد المرضى اليافعين في أقسام الحوادث والطوارئ بواقع الضعف خلال الأسبوع الماضي.

ويبدو أن هذه العدوى قد ضربت “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” NHS “أن أتش أس” في أكثر الأوقات ازدحاماً [بداية فصل الشتاء]، في الوقت الذي تعاني فيه الصيدليات نقصاً في المضادات الحيوية Antibiotics، بالتالي معاناة الأهالي في إيجاد الدواء لأطفالهم المرضى.

الأمراض الناجمة عن البكتيريا ثاني سبب للوفيات في العالم

كيف تتجنبون “المكورات العقدية أ” وهل هي معدية؟

هل ارتفاع إصابات “المكورات العقدية أ” سببه “فجوة مناعية”؟

“بكتيريا خارقة” مهددة للصحة تفيض بها أنهار المملكة المتحدة

وفي هذه الأثناء، حذر مديرو المستشفيات وأطباؤها من اكتظاظ أقسام الحوادث والطوارئ بالأطفال المصابين بفيروسات الشتاء، مثال الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي RSV، وأخيراً المكورات العقدية من المجموعة أ.

يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه أقسام الحوادث والطوارئ A & Es في إنجلترا مدة تأخير قياسي، حيث ينتظر ثلث المرضى أكثر من أربع ساعات ليتم فحصهم، بينما شهدت خدمات NHS 111 ارتفاعاً مطرداً في المكالمات في نهاية الأسبوع الماضي.

من جانبه، قال الدكتور أدريان بويل، رئيس “الكلية الملكية لطب الطوارئ” إن “أقسام طب الأطفال لدينا ترزح تحت ثقل ضغوط جبارة، ولا تقتصر هذه الضغوط على قلق الآباء والأمهات على أولادهم الذين التقطوا عدوى المكورات العقدية، بل تتعداها لتشمل المشكلات المستمرة التي نواجهها مع المصابين بالفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا”.

وأضاف، “نعتقد أننا نشهد تضاعفاً في عدد الأطفال الموجودين في المستشفى. ويتمثل جزء من هذه المشكلة في حاجة المصابين بالمكورات العقدية من المجموعة أ إلى استشارات طبية مباشرة”.

وخلال حديثه، أقر الدكتور بويل بأن كليته تلقت تقارير في شأن أطفال ينتظرون أكثر من 15 ساعة في قسم الحوادث والطوارئ لتلقي العلاج. وفي رأيه أن “مجمل النظام الذي يتعامل مع الأطفال المرضى حديثاً يتعرض لضغوط شديدة”. وهذا هو السبب الفعلي لازدياد صعوبة السيطرة على الأمراض، على حد تعبيره.

الطفلة ستيلا-ليلي ماك كوركينديل هي إحدى ضحايا المكورات العقدية أ (غو فاند مي)

وما يؤكد كلام الدكتور بويل إطلاق الأطباء في مختلف أنحاء البلاد تحذيرات من ارتفاع قياسي في عدد الأطفال الذين أموا أقسام الحوادث والطوارئ على مدى اليومين الماضيين، ولجوؤهم إلى مناطق “جانبية” ضمن مستشفياتهم لاستيعاب المرضى الذين فاق عددهم ما تتسع له المساحات المتوفرة بنسبة 50 في المئة، بحسب قول أحد مديري الهيئة.

“أنا مذعورة”

كشفت ريتشل كيرتس من نورثمبرلاند، عن أن أكثر ما “تخشاه” حالياً هو إصابة ابنتها الضعيفة صحياً بالمرض بعد أن رفضت العيادات الخارجية وخدمة الـ111 من “أن أتش أس” مدها بالمضادات الحيوية الموصوفة لصغيرتها، وأجبرت على انتظار 20 ساعة للحصول على الدواء.

ووصفت السيدة كورتيس تجربتها في محاولة تأمين الرعاية اللازمة لبيتسي التي تبلغ من العمر خمس سنوات وتعاني مرضاً رئوياً مزمناً جراء إصابتها بمتلازمة داون، بالـ”مروعة”

تخشى الأم ريتشل كيرتس على ابنتها بيتسي التي تعاني من ضعف صحي.

فعقب اتصالها بالـ999 يوم الأحد وانتظارها لمدة ساعة ونصف الساعة لوصول سيارة الإسعاف دون جدوى، استقلت السيدة كورتيس سيارتها لتقود بيتسي بنفسها إلى قسم الطوارئ في نيوكاسل. ولما وصلت إلى هناك، “صدمت” بمشهد “الأطفال الذين افترشوا الأرض”.

وعلقت بالقول، “كنت أعلم أن “خدمات الصحة الوطنية” في حالة يرثى لها، ومع ذلك صدمت بما رأيت في قسم الحوادث والطوارئ وبعدم قدرتي على سؤال أي شخص عن المضادات الحيوية”.

وفي الآونة الأخيرة، أظهرت بيانات صادرة عن “وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة” (UKHSA) أن 15 طفلاً دون الخامسة عشرة من عمرهم قد ماتوا في المملكة المتحدة منذ سبتمبر (أيلول) و652 تقريراً رفعت عن مرض العقديات، وهذا الرقم هو الأعلى مقارنة بالفترات نفسها من السنوات الخمس الماضية.

وأضافت الوكالة أن موسم 2017-2018 كان آخر موسم يشهد عدداً كبيراً من الإصابات، والذي شهد 27 حالة وفاة بين الأطفال دون الثامنة عشرة و328 حالة وفاة بين البالغين في إنجلترا.

وتعقيباً على هذه المعلومات، عبرت مصادر الرعاية الصحية  عن خشيتها من أن تكون موجة العقديات من المجموعة أ قد عصفت بالبلاد في أسوأ أيام “خدمات الصحة الوطنية” مع استمرار الموجات السابقة بين أربعة إلى ثمانية أسابيع.

وضعت كاميلا روز بيرنز على جهاز التنفس الصناعي خلال إصابتها بالمكورات العقدية

هذا، وقد أظهرت إحصاءات جديدة نشرت يوم الخميس ارتفاعاً حاداً في عدد الأشخاص الذين يتجنبون الاتصال بخدمة الـ111 [خدمة الاستشارات الطبية عبر الهاتف] التي تقدمها (أن أتش أس) بعد أن تزايد الطلب عليها بصورة مفرطة.

ونبهت “أن أتش أس في إنجلترا” (NHS England) مقدمي الرعاية الصحية من الضغوط الإضافية التي وضعت على كاهل خدمات الطوارئ والـ111 والأطباء العامين جراء خبر تفشي عدوى العقديات من المجموعة أ.

“النقص يتغلغل إلى شرايين القطاع”

استمر الصيادلة في جميع أنحاء البلاد في دق ناقوس الخطر في شأن النقص في توفير المضادات الحيوية للمرضى بعد نفاد الإمدادات التي وصلتهم من تجار الجملة جراء ارتفاع الطلب عليها.

وفي هذا الصدد، أفاد مارتن سوير، المدير التنفيذي لـ”جمعية توزيع الرعاية الصحية” (Healthcare Distribution Association) التي تمثل أكبر تجار الأدوية الصيدلانية بالجملة، لـ”اندبندنت” أن تجار الجملة يعملون مع الشركات المصنعة لتجديد مخزوناتهم، لكن المسألة تستغرق وقتاً. وعليه، قد تستمر مشكلاتنا أياماً إضافية.

وأردف السيد سوير أن “السبب الرئيس وراء التحديات والصعوبات الكبيرة التي يواجهها الصيادلة هذه الفترة للحصول على المنتجات، هو تفوق الطلب على العرض بسرعة كبيرة جداً جداً وبطريقة غير متوقعة”، متمنياً على “كبير مسؤولي الأدوية (في الحكومة) وكبير المسؤولين الطبيين إجراء بعض الاتصالات المحورية لحث أركان سلسلة التوريد بين مصنعين وتجار جملة وموزعين، على عدم استعجال رفع الطلب”.

ومن جهتها، أوضحت ليلى هانبيك من “جمعية الصيدليات المستقلة المتعددة” أنه كان ينبغي على الحكومة وتجار المستلزمات الدوائية أن يتوقعوا هذه المشكلة مع اتخاذ الطلب منحى تصاعدياً منذ نوفمبر (تشرين الثاني). وأضافت، “وردتنا تقارير وصور عدة من صيادلة على مستوى الأمة يشكون عدم قدرتهم على تأمين المضادات الحيوية. نحن نعلم منذ نوفمبر أن عدد الوصفات الطبية لهذا النوع من الأدوية إلى ارتفاع. كان من الصعب جداً علينا أن نرى الناس يأتون إلينا على أمل الحصول على المضادات الحيوية لأن الحكومة أكدت وجود إمدادات. كان علينا أن نواجههم ونخبرهم بحقيقة الوضع ونردهم خائبين، وهذا أمر محزن”.

إلى ذلك، ذكر الصيدلي رضا علي  أن “النقص يتغلغل إلى جميع شرايين القطاع. فأي دواء يحتوي على الأموكسيسيلين هو في حالة نقص. وقد بدأت هذه المشكلات في الظهور في أوائل نوفمبر، لكن تم تجاهلها لأن نظام التفاعل وإجراء التقييمات لدينا سيئ ويتطلب من تجار الجملة أن يكونوا شفافين مع الحكومة”.

وأردف علي: “في الوقت الحاضر، نحن على مشارف أزمة. فالمرضى يأتوننا من كل حدب وصوب بحثاً عن أدوية كانوا قد بحثوا عنها في أربع أو خمس صيدليات مختلفة ولم يجدوها”.

وفي سياق متصل، أعلن متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أنه “لا يوجد نقص في إمدادات المضادات الحيوية القادرة على معالجة العقديات من المجموعة أ. كل ما في الأمر أن الطلب على أحد المنتجات يرتفع أحياناً، وفي وضع مماثل، تواجه بعض الصيدليات صعوبة كبيرة في تأمين مضادات حيوية محددة”.

وأضاف: “نحن نعمل مع الشركات المصنعة وتجار الجملة بشكل ملح لاستطلاع ما يمكن القيام به لتسريع عمليات تسليم المخزون الواجب ضمان وصوله إلى من هم بحاجة، وتلبية الطلبات في أسرع وقت ممكن ودعم الوصول إلى الأدوية الحيوية”.

المصدر : اندبندنت عربية

إغلاق